Ad Code

Responsive Advertisement

عندما ينام الورد



ماذا لو اختار الطير المشي على الأرض عوضا عن التحليق في السماء؟ ماذا لو فضلت النار الرماد على الاشتعال؟ ماذا لو نام الورد في وضح النهار؟ ماذا لو حكم على شغفك بالانطفاء، فانطفئ نورك وتحولت الرغبة إلى عادة والطاقة إلى جهد؟ كثير من الاستفهامات وأكوام من التساؤلات حول شكل الحياة بلا شغف، بلا طموح، بلا أحلام. كيف نحيا ونعمل وننتج بلا ألوان، بدون الإحساس بالاختلاف. كيف لنا ذلك وقد أصبح المدهش عادي، وقد تساوت لدينا النتائج، وأصبحت جميع القيم سالبة.
 
عند غياب الشغف يحضر الفتور، وينبت الفراغ من فجوات الملل، وتصبح الرغبة كخطيئة اغتسلنا منها، وشباب توارى مع الزمن. كم هي فارغة حياتنا بدون شغف يبعث فينا حماسة الاستمرار وإصرار الوصول. كم هي باردة أرواحنا بدون اشتعال شرارات الشغف فيها وشعلات اللهفة والانتظار.  ستختلف النظرة وتتبدل الفكرة، سترى النجمة، ولكن لن ترى لمعانها، وسترى السماء، ولكن لن تفهم اتساعها. نعم أنت تدرك وتبصر، ولكن بلا حواس، تفكر بلا تأمل وتشعر بلا استمتاع. تعمل بدون أن تشعر بتلك الخفقة التي تنشر الدماء في جسدك والدفعة التي تحركك للأمام. ما أصعب خواء الروح عندما نتحرك بآلية وليس بدافعية، عندما ننفذ ولا نقرر، عندما نعمل ولا نختار. تلك هي الحياة بلا شغف عندما تختزل تفاصيلها ويضيع طعمها ويصبح كل شيء فيها باهت.
 
كيف يعود؟ وكيف نعود؟ وكيف نعود بالشغف أحياء من جديد؟ إن الشغف وإن انطفأ لا يموت. لا بد من شرارة قاومت بين الرماد لتعيد الاشتعال مع أول نسمة هواء. حتما هناك كلمة تؤدي دور المسعف وموقف يعيدك إلى شغفك، أو أن هناك شخصا ما سيعينك على بناء نفسك من جديد بهوية تحبها، أو أنك بالقوة التي تجعلك تنهض بنفسك وتعيد لها ألقها. دائما هناك طريق عودة لكل غائب حتى شغفنا واهتمامنا. إن الأشياء التي أسعدتنا ستفي لنا وبقدر تمسكنا بها ستعود وإن غابت وخبت اللهفة.
 
الشغف قوة إلهام ومصدر حب به نتخطى حدود المعقول ونتحرر من رتابة الأمور، نكسر به القيود ونحطم به الأرقام، بالشغف نحن أحياء نمارس الحياة بشكلها الحقيقي. ولكي تعرف شغفك الذي تاه عنك وتعيده إليك عد إلى نفسك، إلى قلبك، واجعل نظرك لما في داخلك، اعرف نفسك جيدا واعرف ماذا تريد، اختر ما يجعل قلبك يخفق ويذيقك طعم الحياة الجميل. الشغف هو بصيرتك الداخلية لوجودك، لكيانك. فاحرص عليه وتمسك به حتى لا تفقده في زحام المسئوليات والواجبات ليبقى لك الواحة والظل كلما أنهكت وكلت روحك ليبقيها في حالة يقظة.

"الحياة لا تحتمل بلا شغف، فهو الذي يجعلنا نغفر، ونحلم، ونواصل"   
  - نجيب محفوظ 



منال الرحيلي

 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Ad Code

Responsive Advertisement