حين يكون الصدق في التفكير والوضوح في التبرير تكون النزاهة الفكرية
لكل خلق فضيلة ولكل سلوك قيمة تضمن جودة الحياة وسلاسة العلاقات. ولو
اجتمعت كل الفضائل والمحاسن والقيم في قالب واحد لكانت النزاهة هي القالب. في
مقالي هذا لن أتطرق للنزاهة بشكلها العام فقد خصصت لها مقال في كتابي "أبجديات
العلاقات الإنسانية". إن ما سأكتب عنه هنا في مدونتي أدق تخصيصا وأكثر تعقيدا،
لأنك هنا من خلال مقالتي هذه، ستتواجه مع الأفكار، وستغوص في عمق العقل، لتبحث عن
إجابة، أو قد تختبر صدقها. ستمتحن في شجاعتك، شجاعة الاعتراف، ليس بالذنب، بل
بفكرة مضللة، أو رأي خاطئ. ستمشي في ممرات الأسئلة بتروي دون القفز للإجابات
السريعة. ستراجع معتقداتك، وتضعها على الطاولة أمامك، ككتاب قديم تقلب صفحاته لتجد
أن بعضها قد اهترأت.
ألم الحقيقة أم وهم الانتصار
حين نتأمل مقولة سقراط: " العقول الكبيرة تبحث عن الحقيقة لا عن
الانتصار" نجد معنى للنزاهة الفكرية. ذلك الصدق العميق مع الذات والفكر، حيث
لا تكون الغاية هي الانتصار، بل الوصول إلى الحقيقة. النزاهة الفكرية نزاهة داخلية
ذاتية لا تخضع لأي رقابة سوى وعيك أنت وحدك، دون الوقوع تحت ضغط الخوف أو وطأة
المجاملات، لأنك لن تتواجه إلا مع أفكارك وطريقة تعاملك معها. عندما تفكر في
أفكارك وتقيمها من الناحية الأخلاقية، عندما تعالج طريقة خروجها للنور، وتصدق في التعبير
عنها مهما اختلفت الطرق، عندما تقول لا أعلم عوضا عن إجابات منمقة، وعندما تختار
التراجع عن رأي بالأمس كان ثابت، وترجح الشك على يقين واهم، تكن على طريق النزاهة
الفكرية الذي يحررك من قيود الحق الزائف، لتبدو أكثر خفة وأرجح رأيا.
جهل لا ينفع خير من علم زائف
النزاهة الفكرية تعلمنا مسؤولية الكلمة والفكرة. مما تجعلنا نفضل
الجهل على علم مزعم، ونقدم كلمة "لا أعلم" على رد سريع. من الأولى
مراجعة أفكارنا قبل أن نتلقى إشعار خطأ، وأن نحاسب تفكيرنا قبل أي إنذار تجاوز.
وعينا الكامل بأنفسنا يعيننا ويغيثنا وينقذنا كثير. أيضا وعينا بالأمور كيف تجري،
ووعينا بالناس حولنا كيف تشعر، يعلمنا كيف نسير بأفكارنا وآرائنا بشكل آمن دون أن
نصطدم بها.
النزاهة الفكرية لا تعني أنك تعرف شيء، بل تعني أنك تعرف أنك لا تعرف، وأنك قادر على قول لا أعرف، في الوقت الذي يدلي كل من حولك بدلو فارغ، ليلفت الانتباه، والتباهي بما لا يملك من علم. جهلك بالأمور أكثر أمنا وسلاما على نفسك وعلى غيرك من ادعاء كاذب ولو كان ظاهره جاذب.
كثير من المرات يكون التراجع عن الرأي بسالة. فأنت لست في حرب لتكابر وتقاوم فكرة الفر. من صفات الأفكار أنها تتحور، ومن صفات الآراء أنها تتغير، حسب الزمان والمكان والظروف. لا يثبت موقف إنساني على حال دائم، ولم نجبل على التجمد في قالب واحد من الأفكار والمشاعر. التغيير سنة الحياة، ولو حاولنا مقاومة المتغيرات لأرهقنا واستنزفنا روحيا وفكريا. لذلك المرونة مهارة حياتية، والنزاهة الفكرية هي مرونة فكرية، بحيث يكون تغير الآراء مقبول، مما يعطينا الشجاعة على التصريح بآرائنا وأفكارنا المتقلبة تباعا للظروف المتغيرة دون خجل أو إحساس بالضعف.
في الحديث النبوي الشريف: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا" - رواه البخاري ومسلم
هذا الحديث الشريف لا يحثنا على الصدق اللفظي فقط، بل يحثنا على جميع أنواع الصدق ليشمل الصدق الفكري أيضا، الصدق في الفكر، في النية، في الرأي والتعبير، دون تحايل أو تلاعب بالآخرين ومشاعرهم، واستغلال ثقتهم بنا. وبدون تغيير للحقائق وتزييف للثوابت مواربة ومراوغة. يعلمنا الحديث أن النزاهة الفكرية عبادة صامتة نصل بها لأعلى مراتب الدين وهو البر ولأعلى مراتب الآخرة وهي الجنة.
النزاهة الفكرية لا تعني أنك تعرف شيء، بل تعني أنك تعرف أنك لا تعرف، وأنك قادر على قول لا أعرف، في الوقت الذي يدلي كل من حولك بدلو فارغ، ليلفت الانتباه، والتباهي بما لا يملك من علم. جهلك بالأمور أكثر أمنا وسلاما على نفسك وعلى غيرك من ادعاء كاذب ولو كان ظاهره جاذب.
كثير من المرات يكون التراجع عن الرأي بسالة. فأنت لست في حرب لتكابر وتقاوم فكرة الفر. من صفات الأفكار أنها تتحور، ومن صفات الآراء أنها تتغير، حسب الزمان والمكان والظروف. لا يثبت موقف إنساني على حال دائم، ولم نجبل على التجمد في قالب واحد من الأفكار والمشاعر. التغيير سنة الحياة، ولو حاولنا مقاومة المتغيرات لأرهقنا واستنزفنا روحيا وفكريا. لذلك المرونة مهارة حياتية، والنزاهة الفكرية هي مرونة فكرية، بحيث يكون تغير الآراء مقبول، مما يعطينا الشجاعة على التصريح بآرائنا وأفكارنا المتقلبة تباعا للظروف المتغيرة دون خجل أو إحساس بالضعف.
في الحديث النبوي الشريف: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا" - رواه البخاري ومسلم
هذا الحديث الشريف لا يحثنا على الصدق اللفظي فقط، بل يحثنا على جميع أنواع الصدق ليشمل الصدق الفكري أيضا، الصدق في الفكر، في النية، في الرأي والتعبير، دون تحايل أو تلاعب بالآخرين ومشاعرهم، واستغلال ثقتهم بنا. وبدون تغيير للحقائق وتزييف للثوابت مواربة ومراوغة. يعلمنا الحديث أن النزاهة الفكرية عبادة صامتة نصل بها لأعلى مراتب الدين وهو البر ولأعلى مراتب الآخرة وهي الجنة.
أخيرا أقول.. في زمن كثرت فيه الأصوات، وتضاربت فيه الآراء، وتداخلت فيه الأفكار، يبقى من السلامة أن نصمت قليلا، لتسمع أرواحنا الحقيقة، وتتعلم عقولنا الحكمة التي لا تستقر إلا في لب المؤمن. ثم لنتحرى الصدق في أقلامنا وأفكارنا فالكلمة أمانة.
- منال الرحيلي
0 تعليقات