Ad Code

Responsive Advertisement

حياة مؤجلة وقلب ينتظر

 





هناك حياة لم تعاش بعد.. لم تجرب، حياة مؤجلة لم نضع لها تاريخ بداية. تنقضي أيامنا بفلسفة التأجيل وعذر "اللحظة المناسبة" حتى فترت الأحلام وخارت العزائم. نحدث أنفسنا أن الوقت مازال أمامنا، ونمنيها بطول العمر، ولكن ليس للعمر ضمان، فالحياة لا تنتظر أحد.

 

    هيبة البدايات وخذلان النهايات

قد تكون أكثر فكرة ترعبنا فكرة أن نبدأ.. أن نبدأ يعني أن شيئا ما سيتغير في حياتنا، شيء اعتدنا وجوده، وألفنا شكل الحياة به مهما كان، مما يهدد شعورنا بالأمان المعتاد، وهذا يعني مغادرة دائرة الأمان التي طالما أعاقت انطلاقنا نحو الحياة الأفضل، وعثرت رغبتنا في التغيير. دائرة لم تكن سوى قيد من خوف أسرت أمنياتنا واستظلت باسم الأمان. لو نعرف ما الذي ينتظرنا في الخارج من حياة أجمل، وظروف أفضل، لما ترددنا في أول خطوة. نعم ستكون رحلة الانتقال مليئة بالتحديات والاختبارات، لكن الوجهة تستحق والهدف فريد. ليس علينا أن نفكر كثيرا حين يكون القرار في التغيير من أجل شيء عظيم، وليس أعظم من أن نبدأ الحياة.

وحين نخطو نحو الأمام علينا أن نخطو بثبات الواثق ورغبة المتمسك بالحياة، بدون أن نسمح للخوف من التالي أن يرجف أقدامنا أثناء السير في رحلة التغيير. قد تكون البداية مسئوليتنا، لأن البداية عبارة عن قرار بإرادتنا دخل حيز التنفيذ بفعلنا، ولكنا لسنا مسؤولين عن النتائج لو لم يكتب لها الصواب. وليس بذنبنا لو خذلتنا النهايات، وتنحت الأمور خارج مسار سيطرتنا.

 

   متى سنعيش؟

نحدث أنفسنا كثيرا عن خوفنا، نكرر جمل الانهزامية، ومصطلحات السلبية عن ظهر قلب. نتقن خلق الأعذار، نجيد الهروب، وندل كل مخرج، نحترف دور الضحية ولا نحتال إلا على أنفسنا. إننا نفعل كل ما يمكن من أجل ألا نفعل الممكن. لقد ظلمنا أنفسنا بالمماطلة والتسويف. متى سنعيش؟ هل الحياة أصبحت بحاجة لقرار! هل أصبحت بحاجة إلى التفكير!. فطرنا على حب الحياة والتمسك بها لأنها تستحق أن تعاش بطريقة كريمة ولو كانت في الأصل سوى محطة، ولكنها رحلة وللرحلة جمالها. عندما ترتفع لدينا قيمة أنفسنا سترتفع قيمة الحياة لدينا، ولعرفنا مدى استحقاقنا لها، ولكن بأفضل صورة. عندما ندرك أننا لم نخلق للألم، بل للعمل. وأن الحياة هدية وليست عقاب، ندرك عندها أهمية مبادرتنا بالتغيير للأصلح والأجمل، وبأهمية مبادئتنا بالعمل لترقية مستوى معيشتنا نفسيا وليس ماديا. لو عرفنا معنى الحياة الحقيقي، لودعنا النحيب، وتجنبنا التباكي، واستثمرنا وقتنا في تدارك ما فاتنا من خير.


     لم تكتمل لأحد

الحياة ليست مثالية، ولم تخلق بصورة الكمال. الحياة تتشكل وتتلون، تزداد وتنقص، ولكنها تبقى حياة، وتستحق أن تعاش، وأن نبذل ما بوسعنا من أجل ترميمها، وترتيبها، وتشكيلها بألوان الفرح. أعطانا الله الحياة وأعطانا القدرة على التعايش مع متناقضاتها، والرغبة في عيشها مهما كانت. عبارات " الوقت غير مناسب"، " الظروف صعبة"، " لا أحد يساعد" ماهي إلا تعطيل للحياة وتأجيل للعيش. للأسف الكثير لم يأخذ من الحياة إلا الأكسجين، ولم يعرف عنها إلا لحظات الميلاد والموت، أما ما بينهما.. ضائع، أو ربما متشابه.


    لا تنتظر.. فقط ابدأ

ليست خطيئة أن تبدأ وأنت مرتبك، ليس عارا أن تفرح رغم أن كل شيء حولك بائس، لا بأس أن تعيش حياتك كما تحب وإن خالفت أهواء غيرك. عش يومك ببساطة، جازف لو كان الحذر يعيقك، لا تنتظر ظروفك تتحسن، لا تنتظر غيرك ليلتفت إليك ويقدم لك المساعدة الوهمية. ابدأ الآن ولا تنتظر أكثر، ابدأ بوضعك الحالي وظرفك القاسي. ابدأ بتعبك بضعفك فالمثالية وهم قاتل، وشلل يصيب عمرك لو طلبتها وانتظرتها. وتذكر دائما أن كل خطوة نحو الحياة هي حياة بذاتها.

 

يقول "إكهارت تول" في كتابه "قوة الآن": "إنك لا تعيش في المستقبل ولا في الماضي، حياتك تحدث الآن، فكن فيها."

من هنا أقدم لك عزيزي القارئ دعوة هادئة تأخذك لداخلك لتسأل نفسك: هل أنا أعيش الحياة الآن؟ أم أني أؤجلها؟ 



منال الرحيلي


إرسال تعليق

0 تعليقات

Ad Code

Responsive Advertisement